وفي علمنا، باستحسان العقلاء، [أن] الإخبار عنه، من غير علم به، يدل على أنه لا يدل على ذلك- تحقيقه: إن قول القائل: "زيد آكل" لو دل على انتفاء الأكل عن غيره: إما أن يدل على ذلك بلفظه أو بمعناه: لا جائز أن يدل لفظه، لأنه ليس في اللفظ ذكر ما عداه. ولا يدل بمعناه أيضًا، لأن الإنسان قد يعلم بأنهما اشتركا في الفعل، ثم يجوز أن يكون له غرض في الإخبار عن أحدهما دون الآخر. وكذلك نعلم أن الفعل واجب عليهما، ثم يأمر أحدهما به، ويدل الآخر على الوجوب، في وقت آخر، بدليل آخر- فثبت أنه لا يدل على انتفاء الحكم عما عداه من كلا الوجهين.
والجواب عما ذكروه- قلنا:
- لو انتفى الحكم عن غير المذكور إنما ينتفي لفقد دلالة الوجوب في حقه، لا لتعلق الوجوب بالمذكور.
- وكذلك الجواب عن كلامه الثاني: إن انتفاء الزكاة عن النَّعَم إنما كان لفقد دلالة الوجوب، لا لتعلق الوجوب بالغنم، لأنه لا يمتنع أن يكون الحكم ثابتًا في الغنم وسائر النَّعَم ثم تتعلق المصلحة في أن يبين حكم الغنم بهذا النص، ويبين حكم سائر النَّعَم بنص آخر، في زمان آخر. وإذا جاز ذلك، لم يكن التقييد بالغنم دليلًا على انتفاء الحكم عما عداه- والله أعلم.
[وأما الفصل الخامس: [التقييد بالصفة]]
فنقول:
اختلف العلماء من الناس في الأمر المقيد بالصفة، نحو قوله عليه السلام:"زكُّوا عن الغنم السَّائِمة"- هل يدل على انتفاء الحكم عما عداه؟