فلقوله عليه السلام:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها". وعنه عليه السلام أنه قال في شارب الخمر:"من شرب الرابعة فاقتلوه"، ثم حُمل إليه شارب الرابعة فلم يقتله- والله أعلم.
[٨٥ - باب: نسخ السنة بالكتاب]
ذهب الشافعي وجماعة معه إلى المنع من جواز ذلك.
وذهب أصحابنا وجماعة من المتكلمين إلى جوازه ووقوعه.
وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى جوازه والمنع من وقوعه.
والدلالة على جوازه- أنه لو امتنع لكان إنما يمتنع من جهة الحكمة.
وإلا فجوازه من حيث الإمكان ثابت، لأن الله تعالى قادر أن يتكلم بكلام ناسخ للسنة. ولو أتى بكلام هذا سبيله لم يخرج من أن يكون دالًا على موضوعه.
ولا يمتنع من جهة الحكمة، لنه لا وجه يقال فيه إلا وهو موجود في نسخ الكتاب بالكتاب، لأن السنة إنما صدرت من الوحي من الله تعالى، فجرى ذلك مجرى كلام ينزَّله الله، ثم نسخ الكتاب بالكتاب جائز بالإجماع- فكذا هذا.
فإن قيل: لو جاز ذلك لكان فيه تنفير عن النبي عليه السلام، لأنه يوهم أن الله لم يرض بما سنَّه- قلنا: النسخ إزالة الحكم بعد استقرار مثله، والدليل الناسخ يزيل مثل هذا الوهم، لأنه لو لم يكن راضيًا بما سنَّه لما أقره عليه. ولأن مثل هذا موجود في نسخ السنة بالسنة، وذلك جائز بالإجماع- فكذا هذا.