للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمخالف احتج بقوله تعالى: {وأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} وهذا يدل على أن كلامه كله بيان. فلو جاز نسخ السنة بالكتاب، لخرج من أن يكون بيانًا.

والجواب: كونه بيانًا لا يمنع من نسخه بسنة مثله، فلا يمنع من نسخه بالكتاب- ألا ترى أن القرآن أنزل بيانًا، وذا لا يمنع نسخ بعضه ببعض- فكذا هذا.

واحتج بقوله عليه السلام: "سنتي تقضي على القرآن. والقرآن لا يقضي على سنتي" ونسخ السنة بالقرآن قضاء القرآن على السنة، وذلك منفي. ولأن من شرط الناسخ أن يكون من جنس المنسوخ، ولذلك لم يجز نسخ الحكم الثابت بدلالة العقل بالنص، لأنه لا مجانسة بينهما، ولا مجانسة بين السنة والكتاب.

والجواب:

أما الحديث-[فـ] خرج مخرج العادة الغالبة، لأن كثيرًا من آيات القرآن يحتاج فيها إلى بيان النبي عليه السلام. فأما أقوال النبي عليه السلام وأفعاله، [فـ] قلَّما تحتاج إلى بيان الكتاب، لأنها أسهل مأخذًا وأيسر تحصيلًا من علم ما في الكتاب.

وأما قوله: المجانسة شرط- قلنا: هذا مجرد دعوى.

وأما نسخ الحكم بدلالة العقل إذا كان قابلًا للتغيير- فجائز، لأن النسخ ليس إلا إزالة الحكم بعد استقراره، وهو موجود، إلا أن ذلك لا يسمى نسخًا، وكلامنا في المعاني لا في الأسامي. على أن السنة إنما تصدر بوحي من الله، فكانت بمنزلة الكتاب، وبينهما مجانسة من الوجه الذي تثبت بهما الأحكام- والله أعلم.

<<  <   >  >>