من وصفه بأنه صادق، وإن جاز أن يكون معتقداً خلاف ما قال.
وأما ما ذكر من العرف - قلنا: معنى ذلك أنه ليس بصادق عن قصد، وليس بكاذب عن قصد. أو لم يقصد الصدق وغيره ولم يقصد الكذب به، لا أن خبره صدق وكذب حقيقة، كمن رأى طائراً فقال:((هو غراب)) وقال آخر: ((هو حمام)) ولا يقال لأحدهما صادق أو كاذب، لأنه أخطاء في ذلك ولم يقصد إليه.
فلو قال قائل: إن المخبر عن الشيء على ما هو به إذا ظن خلاف ذلك، والمخبر عن الشيء على خلاف ما هو به إذا اعتقد خلاف ذلك، لا يوصف بأنه صادق ولا كاذب، بهذا المعنى توسعاً، فنحن لا نأبى ذلك - والله تعالى أعلم.
[٩٥ - باب في: الأخبار التي يعلم صدقها، والتي يعلم كذبها، والتي لا يعلم كلا الأمرين فيها [- في أخبار الآحاد]]
(أ) - أما التي يعلم صدقها - فوجوه:
منها - ما يعلم صدقها باضطرار، كالخبر بأن السماء تعلو الأرض.
ومنها - ما يعلم صدقها باستدلال عقلي، أو سمعي. مثال الأول: الخبر بحكمة الله تعالى. ومثال الثاني: الخبر بوجوب الصوم والصلاة ونحو ذلك.
ومنها - ما يعلم بأمر راجع إلى المخبر. نحو أن يكون المخبر ممن لا يجوز عليه الكذب وذلك ضربان:
أحدهما - لا يجوز عليه الكذب أصلاً.
والآخر - لا يجوز عليه الكذب فيما أخبر، ويجوز في غيره.