فإن قيل: هذه الآية خُصت بقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} قلنا: هذا لا يصلح مخصصا للعبد، لأن المذكور فيه الإماء دون العبيد- دل عليه أنا خصصنا للعبيد [صدورا] عن قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} بالإجماع.
والمخالف احتج بأن الإجماع يستند إلى القرآن والسنة، وهو مرفوع لهما، فكيف يعترض بالفرع على أصله؟ .
والجواب- أن الإجماع المخصص لابد أن يصدر عن كتاب أو سنة، وإلا فالأمة لا يجوز منهم الاجتماع على حكم جزافا. وكان الاعتراض على العام بذلك الأصل، لا بنفس الإجماع، إنما الإجماع دليل عليه، ولا نعني بكون الإجماع مخصصا إلا هذا.
وقالوا: لو جاز التخصيص به، لجاز النسخ به. والجواب: إن عنيت به أن يقع الإجماع دليلًا على ذلك، فهو جائز كالتخصيص. وإن عنيت به أن يقع النسخ بنفس الإجماع، فنحن لا نجوز التخصيص به، كما لا نجوز النسخ.
[٥٢ - باب في: بناء العام على الخاص]
اعلم أن النصين إذا ما وردا وهما كالمتنافيين: أحدهما عام، والآخر خاص-[ف] لا يخلو: إما أن يُعرف التاريخ بينهما، أو لا يُعرف.
(أ) فإن عرف التاريخ بينهما- فلا يخلوا: إما أن يُعرف اقترانهما؛ أو عُرف تراخي أحدهما عن الآخر.