[١٦٦ - باب في: ما يعلم بأدلة العقل، وما يعلم بأدلة الشرع]
اعلم أن الأشياء المعلومة بالدليل- إما أن يصح أن تعرف بالعقل فقط، وإما بالشرع فقط، وإما بالشرع والعقل جميعاً.
فالأول- كل ما كان في العقل دليل عليه، وكان العلم بصحة الشرع موقوفاً على العلم به، كالمعرفة بالله تعالى وصفاته وأنه غنى لا يفعل القبيح.
وإنما قلنا:"إن العلم بصحة الشرع موقوف على العلم بذلك" لأنا إنما نعلم صحة الشرع إذا علمنا أنه لا يجوز أن يظهره الله تعالى على [يد] كذاب، وإنما يعلم ذلك إذا علمنا أن إظهاره قبيح، وأنه لا يفعل القبيح، وإنما علمنا أنه لا يفعل القبيح إذا علمنا أنه عالم بقبح القبيح عالم باستغنائه عنه، والعلم بذلك، فرع على علمنا المعرفة به عز وجل، فيجب تقدم هذه المعارف على المعرفة بالشرع، فلا يجوز كون الشرع طريقاً إليها.
[والثاني]- وأما ما يصح أن يعرف بالشرع والعقل، فهو كل ما كان في العقل دليل عليه، ولم تكن المعرفة بصحة الشرع موقوفة على المعرفة [به]، كالعلم بأن الله تعالى واحد لا ثاني له في حكمته، وأنه تعالى جائز الرؤية،