اعلم أن البداء هو الظهور في اللغة- يقال:"بدا لنا سور المدينة" إذا ظهر. وإنما يظهر الشيء إذا انجلى وانكشف وصار بحيث يعلمه أو يظنه.
والأمر والنهي ليسا من البَداء في شيء، لكنهما يدلان على البداء. فالآمرُ إذا نهى المأمورَ الواحد عن فعل ما أمره في الوقت الذي أمره أن يفعله فيه، على الوجه الذي أمره أن يوقعه عليه. نحو أن يقولزيد لعمرو "صل ركعتين عند الزوال من هذا اليوم عبادة لله تعالى" ثم قال له: "لا تصل ركعتين عند الزوال من هذا اليوم عبادة لله تعالى"، لتعلق النهي بما أمره على الحد الذي أمره به، من غير تغاير بين متعلقهما [بحي] يصح أن تثبت المصلحة في أحدهما والمفسدة في الآخر. وذلك يدل: إما على أنه خفى عليه من المصلحة ما كان ظاهرًا عند الآمر. أو ظهر له من الفساد ما كان خافيًا عنه وقت الأمر، وهو البَدَاء. أو لم يخف عليه عنه شيء ولا ظهر له شيء، ولكنه عالم بكونه مصلحة ومفسدة، ومع ذلك قصد الأمر بالقبيح والنهي عن الحسن- وكل ذلك لا يجوز على الله تعالى.