- وإنما شرطنا "بنص ثابت من الله تعالى أو بنص أو بفعل من الرسول عليه السلام"، لأن الحكم الثابت بدليل العقل إذا أُزيل بالنص لا يوصف بأنه نسخ.
- وإنما شرطنا "مع تراخيه"، لأن الحكم إذا كان ثابتًا ممتدًا إلى غاية فرفع لوجود الغاية لا يكون نسخًا، لأن المزيل مقارن له.
- وإنما شركنا أنه "لولاه لكان الحكم ثابتًا"، فإن الله تعالى إذا أمرنا بفعل واحد ثم نهانا عن مثل ذلك في وقت آخر، لا يكون ذلك نسخًا، لأنه لولا ذلك الحكم، لم يكن الحكم ثابتًا.
وأما المنسوخ- فهو الحكم المزال بالنص إذا اختص بهذه الشرائط.
وأما الناسخ- فهو إزالة مثل الحكم الثابت بالنص، إذا اختص بالشروط التي ذكرناها.
فإن قيل: شرطتم في هذه الحدود إزالة مثل الحكم الثابت، والإزالة إنما تكون لشيء ثابت، والحكم في المستقبل أو مثله لم يثبت بعدُ، فالنسخ يكون منعًا من ثبوته لا إزالة له- قلنا: النص المقتضي لثبوت الحكم إذا كان مطلقًا أو مشروطًا بالدوام يقتضي ثبوت الحكم فيجميع الأزمان، فكان الحكم ثابتًا في كل زمان في ظن المخاطب، نظرًا إلى الدليل على وجه لولا الناسخ لكان ثابتًا في المستقبل، فيتحقق معنى الإزالة في ظن المخاطب نظرًا إلى الدليل- هذا القدر من الأدلة يمكن تحقيقه في النسخ، فيجب تحقيقه تقريرًا لمعنى الاسم لغة.
ومن حد النسخ بأنه:"بيان مدة الحكم الذي في التوهم والتقدير بقاؤه" يلزمه أن الله تعالى إذا أخبر أن "زيدًا سيعجز بعد مدة"- أن يكون ذلك نسخًا، وليس كذلك. فيظل هذا الحد- والله أعلم.