فإن قالوا: لأن أهل اللغة لم يسموه بذلك- قلنا: أولًا -هذا ممنوع، فإن أهل اللغة قالوا في كتبهم: هذا الاسم حقيقة، وهذا الاسم مجاز. ثم إن لم يسمه أهل اللغة بذلك، لم يمتنع وضع اسم له، ليمتاز به [عن] غيره- ألا ترى أن أهل النحو سموا الضمَّة المخصوصة "رفعًا" والفتحة "نصبًا" وإن لم يسمه أهل اللغة بذلك، ولم يلحقهم بذلك عيب، بل حَسُنَ منهم ذلك، ليكون أداة لهم في ضبط لغتهم- فكذا هذا.
وقوله: إنَّا نسميه مع القرينة حقيقة- قلنا: هذا إن صح، فلا يمنع إطلاق اسم المجاز عليه على الانفراد. على أن وصف الكلام بأنه حقيقة أو مجاز راجع إلى اللفظ، والقرينة قد تكون شاهد حال أو غيره مما لا يكون فعلًا للمتكلم، فلا يجوز وضعه في الحقيقة والمجاز.
٩ - باب في: حُسن دخول المجاز في كلام الله تعالى، وأن الله قد تكلم به:
ذهب الأكثرون إلى حُسن ذلك، وثبوته.
وذهب [بعض] أصحاب الظاهر إلى منع ثبوت ذلك.
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه أن الله تعالى أنزل القرآن بلغة العرب وخاطبنا به، فاقتضى إنزاله القرآن بلغة العرب أن يخاطبنا بمثل ما يخاطب به