[غير] الوجوب لزمنا ضرر، فأما إذا لم يدل على الوجوب فقد أمنا من تركه، على أن في حمله على الإيجاب ترك الاحتياط من وجه آخر، وهو التحرز عن اعتقاد لا نأمن كونه جهلاً وقبيحاً على ما عرف.
وأما قولهم: إن الندب هو الدرجة المتوسطة، والإباحة هي الأدنى- قلنا: إن كان كذلك، لم يجب الحمل عليه، مع احتمال جهة أخرى فيه؟ بل يجب الرجوع إلى الجهة المقتضية للوجوب أو الندب أو الإباحة، وإلا فنفس الفعل لا يدل على شيء من ذلك، على ما مر- والله أعلم.
[١٢٣ - باب في: طريق معرفة الجهة التي تقع أفعال النبي عليه السلام عليه]
أما الطريق إلى معرفة جهة الوجوب فأشياء:
١ - منها- أن يقول النبي عليه السلام: هذا الفعل واجب.
٢ - ومنها- أن يقع امتثالاً لدلالة تدل على الوجوب.
٣ - ومنها- أن يكون بياناً لكلام يدل على الوجوب.
٤ - ومنها- أن يضطر إلى قصده: أنه أوقعه واجباً.
وأما الطريق إلى معرفة كونه مندوباً إليه:
فهذه الأشياء الأربعة. ووجه آخر، وهو أن يدل دلالة، من قول أو غيره، أن له صفة زائدة على أصل الحسن، ولا يدل على وجوبه دلالة.
وأما الطريق إلى معرفة كونه مباحاً:
فهذه الوجوه الأربعة. ووجه آخر وهو أن يدل دلالة على حسنه، ولا يدل على صفة زائدة عليه.