اعلم أن الأمر المقيد بالعدد، نحو حد القذف بالثمانين وحد الزنا بالمائة، لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه- وهذا عند أكثر الناس.
وذهب بعضهم على أنه يدل على ذلك.
واستدلوا في ذلك بأنه: لو كان الحكم فيما عدا المذكور ثابًا موافقًا للحكم في المذكور، لم يكن للتقييد بالعدد معنى وفائدة. ولأن التقييد بالعدد تقدير للحكم بهذا المقدار، فلو ثبت الحكم فيما زاد عليه لبطل التقدير- دلَّ عليه أن النبي عليه السلام عقل من قوله تعالى:{إن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} أن الحكم فيما عدا السبعين بخلافه، حتى قال:"لأزيدنَّ على السبعين". وكذا الأُمَّةُ: علمت ظر جلد الزاني فيما زاد على المائة حتى حكموا به.
وجه ما ذهب إليه الأكثرون-[الأول]: أنه يجوز أن يكون الحكم فيما زاد على العدد المذكور ثابتًا على موافقة المذكور في العدد، والتقييد بالعدد لفائدة أخرى، وراء انتفاء الحكم عما عداه. وإذا جاز ذلك لم يدل التقييد بالعدد إليه. وفي هذا جواب عن كلامه الأول. والثاني- أن ثبوت الحكم فيما زاد على العدد والمقدار منه، والتخصيص لفائدة أخرى.