ومثال هذا - ما روى عن معاذ رضى الله عنه أنه دخل المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بالناس بعض صلاته، فاقتدى به معاذ وأتم الصلاة مع الإمام ثم أخذ في قضاء ما سبق به. فكان الحكم في ذلك الوقت قضاء ما سبق به أولاً، ثم الإتمام بالإمام فيما بقي، فلما فرغ النبي عليه السلام من الصلاة قال:((سن لكم معاذ سنة حسنة فاتبعوه)) - ولا شك أن ذلك إنما نسخ بوحي من الله تعالى، إلا أنه فعل [هـ] معاذ قبل نزول الوحي - فلو لم يقل النبي عليه السلام ذلك، ولم ينكر على معاذ ما فعله، كان ذلك بياناً للنسخ، على ما مر.
فإن قيل: ما فعله معاذ رضى الله عنه: إن كان عن اجتهاد فكيف يباح له ذلك مع وجود النص بخلافه؟ وإن كان على وفاق ما نزل من الناسخ فكيف وقف ولم يسمعه من النبي عليه السلام - قلنا: يحتمل أن معاذاً رضى الله عنه لم يكن علاماً أن الحكم قضاء الفائت قبل الإتمام، لأنه كان مواظباً على الجماعات مع النبي عليه السلام، ولم يسبق في شيء من الصلوات قبل ذلك، فعمله باجتهاده، واتفق نزول الناسخ عند فعله، أو يحتمل أنه فعل ذلك إلهاماً من الله تعالى [و] وافق ذلك نزول الناسخ على النبي عليه السلام.
٩١ - باب: الزيادة على النص هل هو نسخ أم لا؟ :
ذهب الشافعي رحمه الله وجماعة من المتكلمين إلى أن الزيادة على النص لا تكون نسخاً على كل حال.
وذهب الشيخ أبو الحسن الكرخي وجماعة من أصحابنا إلى أن الزيادة