ووجه القول [الثاني]- الأول: أن قوله عليه السلام يدل على الإباحة في حقه، لكونه معصومًا، والإباحة في حقه لا تدل على الإباحة في حق غيره، إذ المصالح تختلف باختلاف الأشخاص، والثاني: إن دل على الإباحة في حق غيره ظاهرًا، ولكن جواز كونه مخصوًا، بخلاف الظاهر، ثابت، فلم تكن الإباحة في حقه محكمًا في الدلالة على الإباحة في حق غيره، وظاهر العموم محكم في التحريم، فلا يجوز الاعتراض على المحكم بغير المحكم.
والجواب- إن فعله دل على الإباحة في حقه قطعا، ومع قرينة دليل التآسي وسابقة عموم التحريم في حق الكل، يدل على الإباحة في حق غيره، إذ لو لم يكن مباحا في حق غيره وكان مخصوصا بذلك، لبين دلالة كونه مخصوصاّ، كيلا يتوهم المكلف، بدلالة التأسي وسابقة عموم التخصيص في حق الكل، فكان الظاهر ما ذكرنا. يبقى هذا القدر: أن احتمال كونه مخصوصًا، بخلاف الظاهر، ثابت. ولكن هذا لا ينفي الأحكام في كونه دليلًا. ولو كان ينفيه: فهذا النوع من الاحتمال، وهو احتمال الخصوص، ثابت في العام، فجاز تخصيصه به. والله أعلم.
[[٤ - الإجماع]]
وأما تخصيص الكتاب والسنة بالإجماع:[ف] أنكره قوم، وجوزناه.
والدلالة على جوازه أن الإجماع حجة مقطوع بها، فجاز أن يدل على ذلك كما جاز أن يدل على سائر الأحكام.
دل عليه أن الأمة أجمعت على أن حد العبيد نصف حد الأحرار، وهذا تخصيص لقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}، بالإجماع.