ويتحقق الإجماع من اليهود والنصارى ومن العوام على هذا. [وشرعاً]:
إلا أنه في عرف الشرع اختص بإجماع علماء أمة محمد عليه السلام عن أمر من الأصول الشرعية- على ما نذكره إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
[١٢٩ - باب في: كون الإجماع حجة]
اعلم أن إجماع أهل كل عصر من الأمة حق وصواب.
وذهب جماعة إلى أن الإجماع ليس بحجة.
وقالت الإمامية: الإجماع حجة لوجود الإمام فيه. والحجة قول الإمام دون غيره.
(أ) - والدليل على كون الإجماع حجة- قول الله تعالى: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ (الآية)]: الله تعالى أخبر بأنه جعلهم عدولاً، لأن الوسط هو العدل لغة: أوجب قبول قولهم، لأنه سماه شهادة، والشهادة لا تكون إلا واجب القبول، والحكيم لا يخبر بعدالة قوم ولا يوجب قبول قولهم، مع علمه أنهم يرتكبون القبيح ويكذبون في مقالتهم- فدل ذلك على أن ما شهدوا به صدق، وما حكموا به صدق وصواب.
فإن قيل: الاعتراض على التعلق بالآية من وجوه:
أحدها- أنه ليس فيها لفظ عموم حتى يقتضى أن يكونوا عدولاً في كل ما يشهدون. فما أنكرتم أن المراد منه الشهادة في دار الآخرة، وهو شهادتهم على سائر الأمم بتبليغ الأنبياء الرسالة إليهم، دون شهادتهم في الدنيا.