والثاني- إن كان المراد شهادتهم في الدنيا، فهي الشهادة على من بعدهم بإيجاب النبي عليه السلام الشرائع عليهم، لا في غيره، ونزاعنا في غير ذلك، وهو إجماع على حكم حادثة.
والثالث- أن الأمة المذكورة في الآية إما أن يكون المراد بها جميع من صدق النبي عليه السلام إلى يوم القيامة، أو جميع من كان حاضراً وقت نزول الآية:
* فإن كان الأول- فهذا يقتضى أن لا يكون الإجماع حجة، لأنه لا تكليف ولا مكلف بعدهم، ليشهدوا عليهم، بوجوب شيء.
* وإن كان الثاني- فهذا يمنع من التعلق بالإجماع، إلا إذا علم أن من كان حاضراً وقت نزول الآية قال بهذا القول، وهذا مما لا يعلم، ولو علم [فإنا] نقول به.
والجواب:
أما الأول- قلنا: لا يجوز حمل الآية على الشهادة في الآخرة، لوجوه ثلاثة:
* أحدها- أنه قال:[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً]، ولو كان المراد به ذلك لقال:"سيجعلكم أمة وسطاً" لأنه وصف منتظر.
* وثانيها- أن سائر الأمم شاهدوا من الأنبياء تبليغ الرسالة إليهم، فيكون علمهم أقوى، فلا يجوز منهم الاستشهاد على من كان علمه أضعف.
* وثالثها- أن الناس كلهم عدول في دار الآخرة، لا يكذبون ولا يقدمون على قبيح، فلا معنى لتخصيص هذه الأمة بالعدالة.