للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما من فرق بين العبادات والعقود-[فقد] ذهب في ذلك إلى أن الغرض من العبادات إسقاط التعبد بها، وكون الشيء منهيًا عنه يمنع كونه داخلًا تحت التعبد، فكيف يسقط بفعله التعبد؟ ولأن سقوط التعبد بفعل الطاعة يقف على نية القربة والطاعة، ونية التقرب والطاعة بالمنهي عنه محال.

والجواب:

- قلنا: سقوط التعبد [يكون] باستيفاء المصلحة الملطوبة من الإيجاب وتحصيل الغرض المطلوب من التعبد، ولا يمتنع كون الفعل بحال يستوفي به الغرض المطلوب من التعبد والمصلحة المطلوبة من الإيجاب، مع كونه منهيًا عنه واختصاصه بجهة من جهات القبح على ما مرَّ.

- وأما نية التقرب، قلنا: نية التقرب ليس بشرط في جميع المواضع، بل الشرط فيه نية أداء ما وجب عليه. وإن كان ذلك شرطًا، فالمكلف ينوي به التقرب من حيث اشتمل على استيفاء المصلحة، لا من حيث إنه منهي عنه، كالمصلِّي في أرض مغصوبة ينوي التقرب إلى الله بهذه الأفعال من حيث إنها خضوع وتعظيم لله تعالى، لا من حيث إنها شغل أرض الغير.

[٣٨ - باب في: ذكر ما يفصل به بين ما يفسد بالنهي وبين ما لا يفسد]

ولما ثبت أن من مذهبنا أن من الأفعال ما يفسد بالنهي، ومنها ما لا يفسد- فلا بد من ذكر ما يفصل بينهما.

والذي حصله المتقدمون من أصحابنا، وهو مروي عن الكرخي رحمه الله، أن النهي متى ورد لمعنى يختص بالشيء يوجب فساده، ومتى ورد لا لمعنى يختص به لا يوجب فساده.

<<  <   >  >>