- أما الأول، قلنا: المنقول احتجاجهم بالنهي للمنع والتحريم، لا للمنع من إفادة الغرض. ولو ثبت ذلك فهو من بعض الأمة لا من جميعهم، فلا يكون إجماعًا.
- وأما الثاني، قلنا: ولم يجب، إذا دل الأمر على الإجزاء، أن يدل النهي على نفي الإجزاء، بل يجب إذا دل الأمر على الإجزاء أن لا يدل النهي على الإجزاء، لأنه ضده. وعندنا: الإجزاء لا يثبت بالأمر، بل بدليل آخر، على أن كون النهي ضد الأمر يقتضي أن يفيد ضد ما أفاده الأمر، وقد أفاد، لأن الأمر يفيد وجوب الفعل والنهي يفيد حرمته.
فإن قيل: الأمر إنما يدل على الإجزاء، لأنه أفاد كون الفعل على صفة زائدة على أصل الفعل من وجوب أو ندب، والنهي يمنع ذلك- قلنا: يجوز أن يعرف الإجزاء بدليل آخر، لا بما ذكرتم، وهو أن يقول:"لا تصلوا في أرض مغصوبة ولو صليتم أجزأتكم" و"لا تبيعوا وقت النداء ولو بعتم ملكتم"، أو يعرف الإجزاء بالبقاء على حكم الأصل، والنهي لم يدل عليه- فثبت أن النهي لا يسد علينا طريق معرفة الإجزاء، فلا يدل على نفيه.
- وأما الثالث- قلنا: معنى قوله: إن المنهي عنه ليس من الدين- إن عني به أنه غير مفيد لحكمه، فهو موضع النزاع. وإن عني به أنه ليس بحسن ولا مرضي، كالدين، فنحن نقول به، ولا كلام فيه.
- ثم نقول: إن المراد من قوله "فهو ردٌّ" نفي الإثابة، لأن الرد ضد القبول، وقبول الفعل هو الإثابة عليه، فإنا ندعو الله بقبول الطاعات ونطلب منه الإثابة عليها. ونحن نقول: إن المباشر للفعل المنهي عنه لا يثاب عليه.