للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ب) - ثم اختلفوا في صفة العلم الحاصل بالتواتر:

فذهب بعضهم إلى أن العلم الواقع به مكتسب.

وقال بعضهم: هو ضروري.

وموضوع الاستقصاء فيه أصول الكلام، إلا أنا نذكر هنا طرفاً منه.

- أما من قال إنه مكتسب - فحجته في ذلك أن العلم المكتسب ما يحصل بالاستدلال، والاستدلال ترتيب علوم يتوصل به إلى العلم الآخر، وما يتوقف حصوله على ترتيب علوم، كان مستدلاً عليه لا محالة، والعلم الحاصل بالتواتر هذا سبيله.

وإنما قلنا: إن الاستدلال ترتيب علوم، لأن الاستدلال هو ما يتوصل به إلى العلم بالمدلول، وما وقف حصوله على علوم مرتبة، كان طريق معرفته ترتيب تلك العلوم.

وإنما قلنا: إن العلم الحاصل بالتواتر هذا سبيله، لأنا إنما نعلم ما أخبرنا به إذا كنا نعلم أن المخبر لم يخبر عن رأى، وإنما أخبر عما لا لبس فيه، فإنه لا داعي له إلى الكذب، لأنا إذا علمنا أنه لا داعي له إلى الكذب، علمنا أن لا يعتمد الكذب. وإذا علمنا أنه لا لبس فيه، لا يقع منه الكذب من غير عمد، وإذا زال توهم الكذب، علم كونه صدقاً، لأن الخبر إما أن يكون صدقاً أو كذباً. وإذا اختل شرط من هذه الشروط لم يحصل العلم، فعلم أنه مكتسب.

- وأما من قال بأنه ضروري - قال: ١ - بأن الواحد منا يعلم وجود الصين، وإن لم يعلم أن من أخبره بذلك جماعة كثيرة يمتنع معها اتفاق الكذب منهم، وأنه لا داعي لهم إلى الكذب. فلو كان مكتسباً لتوقف حصوله على ذلك.

<<  <   >  >>