للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بعضهم: نتيقن باقتضاء الفعل مرة واحدة، ونتوقف في الدوام والتكرار.

دليلنا في ذلك أن قول القائل "ادخل الدار" معناه "كن داخلًا في الدار"، لأن من دخل الدار يوصف بكونه داخلًا الدار، فإذا أمره بالدخول فقد أمره بأن يجعل نفسه على هذه الصفة، وهو [بـ] الدخلة الأولى جعل نفسه على هذه الصفة، فيسقط الأمر به. كمن قال لغيره "اضرب رجلًا" فضرب رجلًا واحدًا، يوصف بأنه ضارب رجل، ويسقط الأمر به- كذا هذا.

فإن قيل: هو بالدخلة الثانية يوصف بأنه داخل الدار، فهلَّا قلتم بدخوله تحت الأمر؟ أو توقفتم في دخوله تحت الأمر كما قاله البعض؟ - قلنا: هو بالدخلة الأولى يوصف بأنه داخل الدار على الكمال، فبعد ذلك: الدخلة الثانية تكرار لفائدة الأمر بعد استكمالها، فلا يُستفاد ذلك إلا بدلالة التكرار، أو بدلالة الاستغراق، كمن قال لغيره "اضرب رجلًا" فضرب رجلًا واحدًا: يوصف بكونه ضارب رجل على الكمال، فإذا ضرب آخر يكون ذلك تكرارًا لفائدة الأمر بعد استكمالها، فلا يستفاد إلا بدلالة التكرار، أو بدلالة الاستغراق- كذا هذا.

فإن قيل: ما أنكرتم أن قول القائل "اضرب" معناه "افعل الضرب"، ولو كان كذلك يقتضي التكرار، لأن اللام للجنس: قلنا: إن قول القائل "اضرب" تصريف من "ضرب" لا من "الضرب" لأنه ليس فيه الألف واللام، ولأنه لو كان تصريفًا من الضرب لكان قول القائل "ضربَ زيدٌ" معناه أنه فعل الضرب، ولو كان كذلك لكان من أخبر بضرب زيد أن يفيهم منه تكرار الضرب، وليس كذلك، بل يُفهم منه الضرب مرة واحدة.

وأما الخصوم فقد تعلَّقوا بأشياء:

منها- أنهم قالوا: وجدنا أوامر في كتاب الله تعالى مطلقة، وأنها مقتضية

<<  <   >  >>