للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي اتصل به المأمور به كان، مع تواني حصوله، لكن لا بجهة الوجوب بل بجهة أخرى، وهو أن تعظيم حال الآمر ورعاية جانبه دعاه إلى الفعل، وأثر ذلك في صدور الامتثال والائتمار ملازمًا له، هذا القدر يكفي لتحصيل هذا الاستعمال، فلا حاجة إلى الوجوب- دل عليه أن قول القائل: "أمره فائتمر بأمره وامتثل أمره" يستعمل على وجه تعظيم الآمر وذلك فيما قلنا.

والثالث- أن هذا يقتضي أن الأمر الذي يتصل به المأمور به ويوجد الامتثال هو المقتضي للوجوب، لا الأمر قبل وجود الفعل، لأنه إنما يقال عند وجود الفعل "أمره فائتمر"، فأما عند عدمه، [فـ] لا يقال ذلك، بل يقال: "أمره فلم يأتمر"، والكلام في اعتقاد وجوب الفعل المأمور به قبل الفعل.

وأما شُبه الخصوم:

أما الاستدلال بالسؤال- قلنا: لا فرق بين السؤال والمر في الحقيقة من حيث إن كل واحد منهما طلب الفعل لا محالة، ومنع من الإخلال به، فإن من قال للأمير: "اخلع ليَّ" يجد من نفسه طلب الفعل لا محالة، كما في الأمر، وطلب الفعل لا محالة إيجاب الفعل على ما مرَّ، فجرى قول القائل: "افعل" مجرى قوله: "أوجبت عليك أن تفعل". ثم السائل إذا قال للمسئول "أوجبت عليك أن تفعل" لا يجب عليه شيء، فكذا إذا قال له: "افعل". فأما إيجاب الله تعالى وإيجاب الرسول ومن يفترض على المقول له طاعته-[فـ] يقتضي الوجوب، فكذا قوله "افعل".

<<  <   >  >>