{وإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}. وقوله تعالى:{فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} على الإباحة، وليس الوجه في ذلك سوى وروده بعد الحظر بالإحرام أو الصلاة، حتى لو ورد قبله يفيد الوجوب. ولأن الظاهر من حال المحظور بالنهي أن لا ينتقل إلى الوجوب، فكان تقدم الحظر دليلًا على أن المتكلم أراد به إزالة الحظر ورفع الحرج، وهذا معنى الإباحة.
ونحن نستدل على صحة ما ذهبنا إليه بأن هذه الصيغة إذا تجردت عن القرينة، فإنها تفيد الوجوب، لكون الصيغة- موضوعة له، ولصدوره من حكيم يريد به ما وُضع له- وهذا الوجه ثابت بعد الحظر، فيحمل على الوجوب.
فإن قيل:
-[أولًا] لم قلتم إن هذه الصيغة موضوعة للإيجاب بعد الحظر، وما أنكرتم أنها موضوعة للإباحة، إما لغة وإما عرفًا.
- والثاني: إن لم تكن موضوعة للإباحة بعد الحظْر، ولكن لِمَ قلتم: إن تقدم الحظر لا يدل على أن المتكلم أراد به الإباحة، بل يدل على ذلك، لما ذكرنا: أن الظاهر من حال المحظور بالنهي أن لا ينتقل إلى الوجوب، والفقه فيه أن سابقة الحظْر دليل على ميل الطبع إليه، إذ لا يَحْسُنُ النهي عن الشيء والتوعيد عليه إذا لم يكن في الطبع داع إليه، وإذا كان في الطبع دعاء إليه، يكفيه الإباحة