فإن قيل: لهذا التعليل فائدة أخرى غير ما ذكرتموه- بيانه من وجهين:
أحدهما- الوقوف على علة الحكم. وهي فائدة مخصوصة للعقلاء. فإن من عرف وتحصل [له] معناه يزداد قلبه بذلك طمأنينة [إلى] الحكم والمعنى في المنصوص لما ذكرنا من الفائدة. وإنما الكلام في التعليل وبيان وجه العلة للحكم، وفائدته ما ذكرناه. على أن نقول: التعليل لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن، والتعليل لفائدة الظن بدون الحكم لم يرد به الشرع، فلا يجوز التعليل لأجله.
وأما الثاني- قلنا: هذه الفائدة تحصل إذا لم نعلل النص أصلاً، ولأن التعليل بعلة قاصرة، لا يمنع التعليل بعلة أخرى متعدية، فلا يفيد هذه الفائدة.
احتج الشافعي رحمه الله وقال بأن تعلق الحكم بالعلة لا يعرف بالتقدم، وإنما يعرف لاختصاصها بوجه يوجب تعلق الحكم. فإذا دل الدليل على اختصاصها بذلك الوجه، يجب تعليله وتعليقه به.
والجواب:
نعم، تعلق الحكم بالعلة لما ذكرتم. لكن التعليل واستخراج العلة إنما يجوز لوجوب العلم والعمل، فكان ذلك متيقناً هنا، على ما مر.