وقوله: يجوز لغيره أن يخالفه- قلنا: لا يجوز ذلك، وإن صدر الحكم عن اجتهاد، على ما مر.
فإن قيل: لو جاز للنبي عليه السلام أن يجتهد، يجب علينا القطع على أن ما قاله حق، لأنه يجب علينا أتباعه، ولا يقطع هو على ذلك، لأنه مجتهد- قلنا: كما يقطع أن ما قاله حق وصواب، فهو يقطع على ذلك أيضاً إذا أفضى إليه اجتهاده، لأن ذلك يوجب قيام الدليل على عصمته، وحال الدليل لا يختلف، فكما نعلم كونه معصوماً، فهو يعلم ذلك.
وأما عدم القطع على أن كان متعبداً أو لم يكن- أنه ليس في العقل ولا في السمع ما يدل على [نفي] ذلك، أو على تعبد، وإنما يتضح ذلك بإفساد أدلة القاطعين على أنه كان متعبداً، وأدلة القاطعين على أنه لم يكن متعبداً به. كما احتج به القائلون إنه متعبد:[بـ] أن في الاجتهاد زيادة ثواب، ولا يجوز أن يحرم عنها النبي عليه السلام.
٢ - ومنها- أن العقل يقتضي العمل بالقياس، فالرسول عليه السلام وغير الرسول، فيه سواء.
والجواب- قلنا:
[الأول]- هذا لا يتم إلا بعد بيان أن ثواب المجتهد في الإمارات أكثر من ثواب المستدل بالدلالات، مع أن المشقة موجودة فيهما، وليس إلى ذلك سبيل، لأنا نعلم [أن] التفاضل بينهما في مزيد الثواب.
وأما الثاني- قلنا: العقل إنما يوجب ذلك، إذا لم يكن في الحادثة نص، وإذا لم يدل الشرع على أن في القياس مفسدة، فما يؤمننا أن الله تعالى نص على الأحكام في حقه ونبهه أن في القياس مفسدة؟