دليلنا في ذلك- أن المقتضى للوجوب هو الأمر دون الشرط والصفة، لن الشرط ليس بمؤثر بل هو ما يقف عليه تأثير المؤثر، والأمر في نفسه لا يقتضي التكرار، بل يقتضي الفعل مرة واحدة، فصار المقتضي للفعل مرة واحدة معلقًا بالشرط، وهو كالمرسل عند وجود الشرط، فلا يلزم تكرار الوجوب بتكرار الشرط- دلَّ عليها أن السيد إذا قال لعبده:"إذا دخلت السوق فاشتر اللحم" فإن هذا لا يقتضي تكرار الشراء بتكرار الدخول. وكذا لو قال لامرأته:"طلقي نفسك إذا دخلت الدار" أو قال لغيره: "طلق امرأتي إذا دخلت الدار": لا يتكرر الأمر بالطلاق بتكرار الدخول. وكذا قول القائل:"اضرب زيدًا" إذ كان لا يقتضي التكرار، فقوله:"اضربه إن كان قائمًا" لا يقتضيه أيضًا.
فإن قيل: ليس يمتنع أن يكون ما دخل تحت الشرط مؤثرًا، كما في قوله تعالى:{وإن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}. وقوله تعالى:{إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ}. وقوله تعالى:{والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، وإذا لم يمنع ذلك [فـ] ليس لكم أن تقطعوا على نفي التكرار عند تكرار الشرط- قلنا: لفظ الشرط لا يدل على أن ما دخل تحته مؤثرًا، والكلام فيما إذا لم توجد دلالة أخرى، حتى لو وجد كان علة يتكرر الحكم بتكرره- يدل عليه: أن الخبر المعلق بالشرط لا يقتضي تكرار المخبر به بتكرره، فكذا الأمر- بيانه: أن قائلًا لو قال: "زيد سيدخل الدار إن دخلها عمرو"