فدخل زيد الدار بعد ما دخلها عمرو مرارًا- يعد المخبر صادقًا، فلو كان تكرار الدخول من عمرو يقتضي تكرار الدخول من زيد، لما عُدَّ صادقًا- فثبت أن الخبر المعلق بالشرط لا يقتضي التكرار في المخبر به، بتكرره- فكذلك الأمر. والجامع بينهما أن معنى قول القائل:"زيد سيدخل الدار" أي سيكون داخل الدار، ومعنى قول القائل:"ادخل الدار" أي "كن داخلًا الدار"- ثم الخبر بجعل نفسه على هذه الصفة لا يقتضي تكرار المخبر به. وكذلك الأمر بجعل نفسه بهذه الصفة لا يقتضي تكرار المأمور به.
والمخالف في المسألة احتج بأشياء:
منها- أنهم قالوا: وجدنا الأوامر الواردة في كتاب الله تعالى معلقة بالشرط، مقتضية للتكرار، مثل قوله تعالى:{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. وقوله تعالى:{وإن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}. وقوله تعالى:{إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا}. وقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا}. وقوله تعالى:{والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} - علم أن قضية الأمر المعلق بالشرط هذا.
ومنها- اعتبارهم الشرط بالعلة، فقالوا: إن العلة إذا تكررت، يتكرر معلولها، فكذا الشرط، بل الشرط آكد من قِبَل أن الحكم ينتفي بانتفاء الشرط، ولا ينتفي بانتفاء العلة.