ومن أنكر ذلك قال: إن فائدة الأمر وجوب المأمور به، وصيرورته بحال: لو أقدم عليه يُثاب، ولو تركه يُعاقب. وهذا لا يحصل مع المنع.
ونحن نقول- الأمر فيه على التفصيل.
إما أن يراد بهذا الأمر حقيقة الأمر المقتضي للوجوب والطلب، أو يراد به التكلم بهذه الصيغة، لا لإرادة الإيجاب والطلب، بل لغرض آخر وفائدة أخرى:
- فالأول- لا يجوز أن يريد الله تعالى بالأمر الإيجاب والطلب، مع علمه أنه لا يتمكن منه، لأنه يصير مريدًا للشيء مع علمه أنه لا يحصل قطعًا، لأن إرادة الإيجاب إرادة كون الفعل بحال لو أخلَّ به يعاقب، مع أنه لا يصير الفعل بهذه الصفة، وهذا لا يجوز ممن يعلم بعواقب الأمور، بخلاف الواحد منا: فإنه لا يعلم أن المنع يزول أم لا.
وهذا بخلاف مَنْ أمر [هـ] الله [تعالى] بالفعل، ويعلم أنه لا يفعل مع التمكن منه، لأن ثبوت هذه الحالة للفعل يقف على التمكن من الفعل، لا على وجود الفعل. فإذا تمكن من الفعل، تحصل بإرادة الله تعالى من كون الفعل بهذه الصفة، وإن كان يعلم أنه لا يوجد، إلا أن يقول قائل: جاز أن يريد الله تعالى ما علم أنه لا يوجد، كما أراد الإيمان من الكفار مع علمه أنهم لا يؤمنون، وهذا خلاف المذهب السديد، وقد عرف في موضعه.