فيما عدا الصفة، لما تكلف لذكر اصفة، لأن التكلف لذكر الصفة- مع أن الحكم ثابت على سبيل العموم -تكلف بما لا فائدة فيه- وهذا باطل، لأنه يجوز أن يكون في التقييد فائدة وراء انتفاء الحكم عما عداه. وبيان تلك الفائدة:
منها- أنه لو أطلق الكلام لتوهم متوهم أن الصفة خارجة عن الأمر، فتقييده بالصفة لإزالة الإيهام، وليدل على ثبوت الحكم فيما عداه بطريق الأولى- نحو أن يقول الشارع:"ضحوا بالشاة إن كانت عوراء"، فتقييد الأمر- إذا كان في علمه أن لو أطلق الكلام إطلاقًا لتوهم متوهم أن العوراء خارجة عن هذا الأمر- فتقييد الأمر به لإزالة هذا الإيهام، وليدل على جواز الضحية بالشاة الصحيحة بطريق الأولى. وكذا قوله تعالى:{ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ} لا يمنع أن يعلم الله تعالى أنه لو أطلق الكلام إطلاقًا لتوهم متوهم أن القتل خشية الإملاء غير مراد، فيقيد الله تعالى النهي به لإزالة الإيهام.
ومنها- أنه لا يمتنع أن يكون البلوى واقعة بالصفة، فيبين حكم الصفة بالتنصيص عليه، وما عدا ذلك لا يشتبه، نحو قوله تعالى:{ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ}: كان لا يشتبه عليهم حرمة القتل، وإنما يشتبه عليهم القتل خشية الإملاق، فقيد الله عز وجل النهي به ليعلم أن الحكم ثابت على سبيل العموم.
ومنها- أنه لا يمتنع أن تكون المصلحة في أن يبين حكم الصفة بالتنصيص عليه، ويثبتها فيما عداه، بالقياس عليه. كما لا يمتنع أن تكون المصلحة في أن يبين حكم الربا في الأشياء الستة، بالتنصيص عليها، ويثبت الحكم فيما عداها بالقياس على ذلك.