وإنا نقول: الأمر يقتضي إيجاب الفعل مطلقًا، والحمل على مأمور به قولٌ بإيجاب الفعل، والحمل على المأمور به الأول قول بإيجاب الفعل به، لأن إفادة الأمر [هو] الوجوب، بمعنى كونه دلالة على الوجوب أو مقتضيًا للوجوب، لا بمعنى أنه يجعل المأمور به واجبًا، وكون الأمل دلالة على الوجوب ومقتضيًا له لا يمنع كون الثاني دلالة على الوجوب ومقتضيًا له، فإذا صح حمله على كل واحد منهما، ولا دليل يدل على تعيين أحدهما- فنتوقف فيه.
وفي هذا جواب عما قالوه أولًا وثانيًا، لما مر: أن الحمل على الأول قول بتحدد فائدة اللفظ، لأن فائدة اللفظ وضعًا هو الوجوب، والحمل على مأمور آخر قول بتحدد فائدة اللفظ أيضًا، ولا دليل على تعيين أحدهما، لأن الأمر يقتضي إيجاب الفعل مطلقًا، وفي حمله على الأول تقييد بذلك، فيجب القول بالتوقف إلى أن يقول الدليل على المراد.
(ب) - هذا كله إذا ذكر الأمر الثاني بغير حرف عطف. فلو ذكر معطوفًا على الأول غير معرف بالألف واللام، فلا شبهة أنه يفيد غير ما أفاده الأول، لأن ظاهر العطف يقتضي المغايرة. وإن كان معطوفًا على الأول معرفًا بالألف واللام، نحو أن قال:"صلِّ غدًا ركعتين" ثم قال: "وصلِّ الصلاة"، فهو على الوقف، لأنه لو حمله على الأول كان فيه عمل بظاهر لام الجنس وترك للعمل بظاهر العطف، ولو حمل على غير ما أريد بالأول، كان الأمر على العكس وليس أحدهما بالمصير إليه بأولى من الآخر، فنتوقف فيه.