لا يدل على الفساد، فإن الإنسان قد يجب عليه الانتهاء لغرض آخر مع حصول الغرض المطلوب منه، وهو ما يتشاغل به عن واجب آخر، أو ما فيه من ارتكاب محظور، كالبيع وقت النداء، والطلاق حالة الحيض- دل على صحة الجمع بينهما ونفي التناقض عنه، أن الشارع لو قال لواحد: نهيتك عن استيلاد جارية الابن، لكن لو فعلت ملكت الجارية" و"نهيتك عن الطلاق حالة الحيض لكن لو فعلت بانت زوجتك"، و"نهيتـ[ـك] عن إزالة النجاسة عن الثوب، والتوضؤ بالماء المغصوب، لكن لو فعلت طهر ثوبتك وبدنك" فشيء من هذا ليس متناقضًا، بخلاف قوله: "نهيتك عن الطلاق وأمرتك به" لأن موجب اللفظين متناقض.
فثبت أن النهي لا يدل على ذلك: لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى- فلا يدل عليه أصلًا.
فإن قيل: النهي عندنا يدل على فساد المنهي عنه بواسطة القبح، لأن أدنى درجات المشروع أن يكون مباحًا، والقبح ينفي ذلك- قلنا: النهي يدل على أن المنهي عنه اختص بجهة من جهات القبح نحو كونه سببًا للتشاغل عن واجب آخر وغيره على ما مرَّ. واختصاص الفعل بجهة من جهات القبح لا يخرجه من أن يكون مفيدًا للغرض المطلوب منه ومسقطًا للفرض، كالبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة: فإنهما اختصا بجهة من جهات القبح، وهو التشاغل عن الجمعة وشغل أرض الغير، وذلك لا يخرجه عن كونه محصلًا للغرض المطلوب منه ومسقطًا للفرض.
والمانع من سقوط الفرض بالصلاة في الأرض المغصوبة، فهو محجوج بإجماع الأمة على ترك تكليف الظلمة، عند التوبة، قضاء الصلوات المؤداة في الأراضي المغصوبة.