للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما عند خصومنا [فـ] ليس للاستغراق لفظ موضوع ينبئ عنه، لا مفردًا ولا مركبًا، فكانت الحجة لازمة لهم.

فإن قيل: لا حاجة لهم إلى وضع اسم للاستغراق، فإنه يمكنهم تعديد الأشخاص الذين يريدون تعميمهم بالحكم، واحدًا واحدًا، ويثبت الحكم فيهم بطريق التعميم بالتعليل، بأن يقول: "من دخل داري ضربته لأنه دخل داري" فيتعمم بالحكم، لهذه العلة. ثم إن كان لهم حاجة إلى ذلك، وكانت قضية الحكم [وجود] اسم له، فمن أين عصمة واضعي اللغة حتى لا يخالفوا الحكمة في وضعه؟ فكم من حكيم يترك ما لا تقتضي الحكمة تركه! -

قلنا:

أما الأول-[فـ] الإنسان قد يحتاج إلى أن يعبر عن جميع الناس، ليدلهم على حكم شملهم، ولا يمكنه تعديدهم واحدًا واحدًا، ولو أمكن ذلك في بعض المواضع [فـ] لا يشك أنه يشق ذلك، فلا بدَّ من وضع الاسم له.

وأما الثاني- قلنا: ليس كل حكم تعرف له علة، فيعلل بها، فإن الإنسان قد يحتاج إلى أن يخبر عن جميع من في الدار بأنه ضارب أو آكل وإلى غير ذلك مما لا يحصى، فلا يعرف لذلك علة، أو تكون عللهم مختلفة، ولا يمكنه أن يعلل بعلة تشمل الكل، فلا بد من وضع اسم له.

وأما الثالث- قلنا: نحن لا نقول بوجوب ذلك قضية للحكمة، بل نقول: الحاجة داعية إليه، والمدعو إلى الفعل إذا قدر عليه يفعله عادة، والعادة دليل من الأدلة.

فإن قيل: هذا الكلام إنما يصح لو كان أصل التوقيف من قبلهم، ليقال إنهم إذا وضعوا الاسم لغرض، فإذا وجد ذلك الغرض في موضع يلزمهم وضع الاسم لذلك، وليس الأمر كذلك، بل أصل الوضع توقيف فلا يمكنهم وضع

<<  <   >  >>