أن يكون حقيقة في الشيء بعد أن كان حقيقة فيه وصيرورته حقيقة لشيء آخر، فذلك جائز، لأنه لا مانع للاختيار على ما مرَّ. وإن عنيت به شيئًا آخر، فنحن لا نعقل ذلك الشيء.
فإن قيل: لمَّا كان الله تعالى قادرًا على وضع اسم له ابتداء، فلا معنى لنقل الاسم من غيره إليه- قلنا: الشريعة جاءت بعبادات لم تكن معهودة بين أهل اللغة، فلا بد من وضع اسم لها، ليمتاز به عن غيرها، كما يجب ذلك في ولد يُولد للإنسان وآله يتخذها بعض الصناع. ومتى لم يكن من ذلك بدٌّ، فلا يمتنع أن تتعلق المصلحة بنقل الاسم من غيرها إليها، كما لا يمتنع أن تتعلق المصلحة بوضع اسم لها ابتداء، وإذا جاز ذلك جاز ورود الشر عبه- هذا دليل الجواز.
والدليل على ثبوت ذلك- أن اسم "الصلاة" في اللغة لم يكن موضوعًا لمجموع هذه الأفعال، ثم صار اسمًا له بالشرع، حتى لا يفهم عند إطلاقه سوى مجموع هذه الأفعال.
فإن قيل: ما أنكرتم أن "الصلاة" في الأصل موضوع للاتباع، ولهذا يسمون الطائر "مصليًا" لأنه يتبع السابق، فكذلك إنما سمى مجموع هذه الأفعال "صلاة" لأنها اتباع الإمام -فإذن لا تختلف فائدته الوضعية- قلنا: هذا يقتضي أن لا يسمى صلاة الإمام وصلاة المنفرد "صلاة" لأنه ليس فيها اتباع الإمام، ولكان يجب فيمن تكلم بهذه الصيغة أن يعني به الاتباع ويفهم السامع منه ذلك، ومعلوم أنه لا يخطر ببال السامع ولا ببال المتكلم عند إطلاق هذا الاسم إلا مجموع هذه الأفعال.
فإن قيل: ما أنكرتم أن الصلاة في اللغة عبارة عن الدعاء- قال القائل: