منهم من قال: إن كان المخصص لفظًا، لا يصير مجازًا، متصلًا كان المخصص أو منفصلًا.
ومنهم من قال: لا يصير مجازًا إلا إذا كان متصلًا.
والصحيح المختار أن القرينة المخصصة: إن كانت مستقلة به، نحو دلالة العقل وقول المتكلم "أردت به البعض الفلاني"، يصير مجازًا. وإن لم يستقل، لا يصير مجازًا.
والدليل على ذلك أن القرينة إذا كانت مستقلة، كان لفظ العموم مستعملًا وفي غير ما وضع له، لأن اللفظ موضوع للكل، وقد استعمل في البعض، وهذا هو المجاز.
فإن قيل: المتكلم ما أراد البعض باللفظ وحده، بل باللفظ مع القرينة، فلم يكن استعمال اللفظ في غير ما وضع له.
ولئن قلنا إنه [ما] أراد باللفظ وحده، ولكن لم لا يجوز أن يكون اللفظ مع القرينة موضوعًا للبعض، ومع فقد القرينة موضوعًا للكل؟ - قلنا:
أما الأول- فباطل، لأن فيه رفع المجاز عن الكلام، بأن يقال في كل مجاز: إنه ما أراد باللفظ وحده بل باللفظ مع قرينة، وقد أبطلنا هذا فيما تقدم. ويلزم أن يكون الكلام المستقل الذي اقترنت به القرينة المستقلة، لا حقيقة ولا مجازًا، لأنه ما عنى به ما وضع له ولا غير ما وضع له، والكلام المستقل لا يخلو: إما أن يكون حقيقة أو مجازًا. ويلزم أيضًا أن تكون المعاني من الحقائق، لأن القرينة قد تكون شاهد حال وغيره، مما لا يجوز وصفه بالحقيقة والمجاز. ولأن القرينة قد تكون فعل غير المتكلم، نحو أن يتكلم النبي عليه السلام بلفظه العام