إذ كان الأمر المتكرر يقتضي تكرار المأمور به. وإن علمنا، بدلالة الإجماع، أن المأمور به واحد، [فـ] يجب حمل المطلق على المقيد، لأن الأمر المقيد يقتضي اعتبار هذا الوصف، فلو جوزناه بدونه، كان فيه إبطال قضية النص، وإنه لا يجوز.
فإن قيل: وكذلك لو حملنا المطلق على المقيد، لأبطلنا الإطلاق عن المطلق، فلم كان ذلك أولى من هذا؟ بل يجب أن يحمل المقيد على الندب والمطلق على الوجوب عملًا بهما- قلنا: الأمر المقيد يقتضي اشتراط هذا الوصف، والمطلق يقتضي تعلق الجواز به، بدلالة أنه لو انفرد لا يجوز بدون هذا الوصف، والمطلق يقتضي أن لا يتعلق الجواز به، فوقع التعارض بينهما، والعمل بالمقيد أولى، لأنه أشد اختصاصًا بما تناوله من المطلق وأقل احتمالًا منه، فكان العمل به أولى، كالخبر الخاص مع العام، على ما ذكرنا من قبل.
هذا إذا وردا في حادثة واحدة.
وأما إذا وردا في حادثتين مختلفتين:
نحو إطلاق الرقبة في كفارة الظهار، وتقييدها في كفارة القتل بصفة الإيمان:
ذهب أصحابنا رحمهم الله إلى أنه لا يحمل المطلق على المقيد بل يجري كل واحد منهما على ما هو عليه من التقييد والإطلاق.
وذهب أصحاب الشافعي رحمه الله إلى أنه يحمل المطلق على المقيد ويجعل صفة الإيمان شرطًا في كلا الموضعين.