للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وأما قوله تعالى: {والذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا}. قلنا: هذا التقييد ثبت بدليل، وهو أنه خرج مخرج المدح والحث عليه: ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وأَجْرًا عَظِيمًا} فينصرف إلى ذكر الله تعالى لهذا المعنى. ولأنه ذكر معطوفًا على قوله تعالى: {والذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا} وهذا يوجب التعليق والتقييد به.

أما ههنا-[فـ] أحدهما غير معطوف على الآخر، فلم يكن التقييد في البعض دليلًا على التقييد في البعض، فلا يقيد به.

فإن قيل: المطلق محتمل للمقيد، وفيه نوع احتمال وإجمال، والمقيد مفسّر ومحكم، فيجب حمل المحتمل والمجمل على المفسر والمحكم- قلنا: لا إجمال ولا احتمال في المطلق، بل له قضية محكمة معلومة على ما ذكرنا من قبل.

هذا إذا رجع في تقييد المطلق إلى نفس التقييد في المقيد.

(ب) - فأما إن رجع إلى ذلك بالقياس- فالكلام فيه من وجوه:

أحدها- إن تقييد المطلق نسخ لحكمه، وهو الإجزاء. لأن النص المطلق يقتضي الإجزاء بالفعل في مطلق الرقبة، أي رقبة كانت، على ما مرَّ. فإذا قيد بصفة الإيمان لم يبق الإجزاء بالفعل في مطلق الرقبة، ونسخ النص بالقياس لا يجوز. وهذا لأن قبل التقييد كان الإجزاء متعلقًا به لأجل أنه اعتاق رقبة. وبعد التقييد تعلق الإجزاء، لأنه إعتاق رقبة مؤمنة، فجرى التقييد بالصفة مجرى التقييد بإعطاء العشرة في أنه زيادة على النص، وإنه نسخ، لأن قبله يقتضي الإجزاء مع فقد هذه الزيادة، وبعده يرتفع هذا الحكم، وإزالة حكم شرعي نسخٌ له.

<<  <   >  >>