على حالة، فجاز ورود النهي عنه، كما جاز ورود النهي عن تلاوة القرآن للجنب والحائض.
وأما الثاني- فإن كان فائدة الخبر مما يصح فيه التغيير، جاز ورود النسخ عليه. وإن كان لا يصح فيه التغيير، لا يجوز ورود النسخ به.
مثاله- أني أمر الله تعالى أن نخبر بأنه عالم قادر، ثم يأمرنا أن نخبر بأنه ليس بعالم ولا قادر- فهذا لا يجوز، لأنه كذب محض.
وأما الآخر- فنحو الإخبار عن وجوب الحج: فإنه يجوز ورود النسخ عليه، لأن الأمر بالحج يجوز ورود النسخ عليه- فكذا الخبر عنه. والجامع أنه يجوز أن يخرج الحج عن كونه مصلحة إلى كونه مفسدة- هذا المعنى موجود في الخبر.
فإن قال: ورود النسخ بالأمر يؤذن بالبداء- قلنا: لا يؤذن بالبداء، لأن النهي دل على أن الأمر تناول غير ما تناوله النهي- قلنا: وكذلك الخبر: فإن الخبر الثاني دل على أن الخبر الأول تناول غير ما تناوله الخبر الآخر.
وأما من ذهب إلى المنع من جواز ذلك- قال: إن القائل إذا قال: "أهلك الله عادًا"، ثم قال:"يهلكهم" كان هذا تناقضًا.
والجواب: إنما كان كذلك، لأن إهلاك عاد مما لا يدوم ولا يرد عليه التكرار، بل وُجد مرة واحدة، دفعة واحدة، والإثبات والنفي يتناولان شيئًا واحدًا، فكان تناقضًا، ولا كذلك مسألتنا، لأن كلامنا في الإخبار عن شيء يرد عليه التوالي والتكرار، وهو قابل للتغيير في المستقبل-[والله أعلم].