وأما نسخ الكتاب والسنة بالقياس، فلا يجوز، لأنه رفع المعلوم بالمظنون. ولأن الصحابة رضى الله عنهم كانت تترك آراءها بكتاب أو سنة. وكذلك صوب النبي عليه السلام معاذاً في رجوعه إلى الاجتهاد بعد أن لم يظفر بكتاب أو سنة. وهذا هو الجواب عن قياسهم النسخ بالقياس على التخصيص بالقياس، لأن الصحابة رضى الله عنهم منعت من أحدهما ولم تمنع من الآخر.
وكذلك الجواب عن قياسهم نسخ النص بالقياس، على نسخ الخبر بالخبر.
وأما فحوى الخطاب:
جاز نسخه ووقوع النسخ به، لأن قوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} إما إن دل على حرمة الضرب والشتم من جهة اللغة، أو من جهة العرف بطريق الأولى. فكل لفظ موضوع للشيء لغة يجوز ورود النسخ عليه. وإن كان الثاني، فكذلك. لأنه أقوى في الدلالة من النص، لأنه لا يحتمل التخصيص والنص يحتمله، ويجوز نسخ الأصل والفحوى إذا كان مما يجوز ورود النسخ عليهما. وورود النسخ على الأصل يوجب ارتفاع الفحوى، لأنه ثابت تبعاً له.
ويجوز نسخ الأصل وبقاء الفحوى، لكن بدليل مستأنف.
وهل يجوز نسخ الفحوى مع بقاء الأصل؟ الصحيح أنه لا يجوز، لأنه يؤدى إلى نقض الغرض بالكلام. وبيانه أن الغرض من حرمة التأفيف إعظام الوالدين، وفي إباحة الضرب مع حرمة التأفيف نقض هذا الغرض - والله أعلم.