أو كان راوي أحد الحديثين تقدمت رؤيته [للنبي صلى الله عليه وسلم] على رؤية راوي الحديث الآخر. أما إذا دامت رؤيته إلى رؤية راوي الحديث الآخر، فإن ذلك لا يوجب التقدم.
وقال بعضهم: إن كان أحدهما موافقاً للعقل، فإن هذا يوجب التقدم إلا أن هذا ضعيف، لأنه يجوز أن يكون ابتداء الشرع مخالفاً لدليل العقل ثم انتسخ بما هو موافق للعقل. وإذا جاز ذلك، لم يكن هذا دليل التقدم.
وأما الذي استقل في إفادة التقدم، [ف] نحو قوله عليه السلام: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها)).
وأما إذا قال واحد من الصحابة:((إن هذا ورد متقدماً))، فإنه يقبل قوله، وإن كان لا يقبل في حق أصل النسخ، ولكن يجوز أن يقبل فيما يوقف عليه النسخ، كشهادة الشاهدين: لا تقبل في حق الزنا وإثبات الحد، وتقبل على الإحصان وإن كان الحد متعلقاً به.
ولو قال واحد من الصحابة:((كان هذا الحكم ثم نسخ)) لا يقبل - نحو قول ابن مسعود رضى الله عنه:((التحيات الزاكيات - كان مرة ثم نسخ)).
وكذلك إذا قال:((هذا منسوخ بهذا)) - نحو قول بعض الصحابة: إن قوله عليه السلام: ((الماء من الماء - نسخ بحديث التقاء الختانين)) فإنه لا يقبل.