ثم نقول: إن توقف النبي صلي الله عليه وسلم لظهور أمارة الغلط فيه، وهو تفرده بذلك من الجمع الكثير- ونحن نقول به.
وأما طلب الصحابة مخبراً ثانياً-[في] لا يدل على أنهم اعتقدوا أن العمل بخبر الواحد لا يجوز، بل طلبوا ذلك لقوة الظن، أو لإزالة الوهم الثابت لبعض العوارض- دل عليه أن الذين طلبوا مخبراً ثانياً هم الذين لم يطلبوا ذلك وعملوا بخبر الواحد على ما ذكرنا.
ثم نقول:
أما توقف أبي بكر رضي الله عنه في حديث مغيرة-[ف] يحتمل أنه كان ليعلم أنه مستقر أو منسوخ، أو ليعلم: هل عند غيره مثله أو خلافه.
وأما خبر أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان- فقد كان محتاجاً إليه، ليدفع سياسة عمر رضي الله عنه عن نفسه لما انصرف عن بابه بعد أن تقع ثلاثاً كالمرتفع- دل عليه أنه لما رجع مع أبي سعيد الخدري وشهد له، قال له عمر: إني لم أتهمك لكنى خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلي الله عليه وسلم- يعنى يروى كل إنسان حديثاً على حسب غرضه.
وأما رد حديث فاطمة بنت قيس- قلنا: ذكر عمر رضي الله عنه أنه معارض بالكتاب: إما بالنسخ أو بالتخصيص، حيث قال:" لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندرى صدقت أم كذبت".