للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما المكان والزمان- إذا عرفناهما غرضين في الفعل اعتبرناها في التأسي. وإذا لم نعرف لا نعتبره. مثال الأول- الوقوف بعرفة وصوم شهر رمضان والجمعة في وقتها. ومثال الثاني- أن اتفق من النبي صلي الله عليه وسلم التصدق في زمان مخصوص في مكان مخصوص بيده اليمني، فإذا تصدقنا في غير ذلك المكان، في غير ذلك الزمان باليد اليسرى، كنا متأسين، لأنا عرفنا أن المكان والزمان لا يعتبر بهما في باب الصدقة.

وأما اعتبار المعنى الثالث- فلأن النبي عليه السلام إذا صلى، فصلى رجلان من أمته، وصف كل واحد منهما بأنه متأس بالنبي عليه السلام، لا بصاحبه، لأن كل واحد منهما فعل لأجل أن النبي عليه السلام فعل، لا لأجل أن صاحبه فعل.

وأما التأسي في الترك-[ف] هو أن النبي عليه السلام إذا ترك الصلاة عند طلوع الشمس، فإذا تركنا على الوجه الذي ترك، لأجل أنه ترك، كنا متأسين به، عليه السلام. وليس شرط التأسي أن يستفيد المتأسي وجوب الفعل وصورته من جهة من يتأسي به، فإنا موصوفون بأنا متأسون بالنبي عليه السلام بالصبر على الشدائد والشكر على النعم، إذا كنا فعلنا على الوجه الذي فعل، وإن كنا لا نعرف وجوبه من جهته. وهذا ليس بممتنع: أن نفعل مثلما فعل النبي عليه السلام، لأجل أنه فعل، لعلمنا حسنه. وإذا لم يمتنع ذلك، فلا يمتنع وقوع التأسي، وإن عرف وجوبه بدليل آخر.

وأما المتابعة:

[ف] قد تكون في القول، وقد تكون في الفعل.

<<  <   >  >>