وجوب مثلها علينا. وإذا عرفنا وقوعها على جهة النفل: كنا متعبدين بالتنفل بها. وإذا عرفنا وقوعها على جهة الإباحة: كنا متعبدين باعتقاد الإباحة فيها.
أما جهة الحظر- فهي منتفية عن أفعال النبي عليه السلام أصلاً، على ما مر، فلا تحتمله.
فنتكلم أولاً في: أن مجرده يدل على الوجوب وغيره، مما ذكرنا من الأحكام. ثم [ثانياً] نبين وجوب التأسي به إذا عرفنا وقوعها على جهة من هذه الجهات.
أما الأول:
(أ) - فالدلالة عليه أن الوجه في وجوب الشرعيات، أو التعبد بها نفلاً، كونه مصالح في حق العبادة، وفعله عليه السلام يدل على الحسن، وانتفاء الحظر عنه في حقه لعصمته. أما لا يدل على كونه مصلحة في حق غيره، لأن المصالح تختلف باختلاف أحوال المكلفين- ألا ترى أن المقيم مع المسافر، والحائض مع الطاهر، يختلفان في حكم الشرع، لاختلاف أحوالهما. ومتى لم يعرف كونه مصلحة في حق غيره، لكونه مصلحة في حقه، فلا نعلم وجه الوجوب، أو وجه الندب، والإباحة، في حق غيره، والحكم، في حقه.
(ب) - والخصوم تعلقوا بأشياء بعضها عقلي وبعضها سمعي [في القول بالوجوب]: أما العقلي:
١ - فمنه- أنه لو لم يلزمنا إتباعه في الأفعال ولا يجب علينا فعل ما فعله، لكان تنفيراً عنه، وهذا قبيح.