وجاز لغيرهم مخالفتهم- ونقل عن الحاكم الشهيد صاحب المختصر. وعندنا- ذلك حجة لا يجوز مخالفتهم.
والدلالة على صحة مذهبنا- أن دلائل الإجماع تناولته، نحو قوله تعالى:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على الضلالة" من غير فصل.
فإن قيل: خلاف ما أجمعوا عليه إنما يكون غير سبيل المؤمنين، إذا كان قولاً لا عن اجتهاد. أما إذا كان عن اجتهاد، كان سبيل المؤمنين، لأن ما اتصل به الاجتهاد سبيل المؤمنين، لأن اجتهادهم غير اجتهاد العصر الأول- قلنا: هذا شرط لا دليل عليه، بل إنما صار غير سبيل المؤمنين، لأنه خلاف ما أجمعوا عليه. وبعد ما أدى الاجتهاد إليه، بقى خلاف ما أجمعوا عليه، فكان أتباع غير سبيلهم.
أما المخالف- فقد قاس القول المتفق عليه عن اجتهاد، على القول المختلف فيه عن اجتهاد، لعلة أن كل واحد منهما صدر عما لا يوجب العلم، وهو الاجتهاد، فإذا جازت مخالفة أحدهما، تجوز الأخرى.
والجواب: العلة في الأصل أنه قول لم يتصل به دليل مقطوع به، وهو الإجماع. وهنا قد اتصل به الإجماع. وهذا لأنه يجوز أن يكون الحكم غير لازم، ثم يصير لازماً إذا اتصل به دليل مقطوع به، كالاجتهاد إذا اتصل به