والدلالة عله أن الناس في كل عصر يستخرجون عللاً وأدلة، والتابعون من بعدهم يحدثون تأويلات لم يذكرها السلف، ولم ينكر عليهم ذلك- فدل على صحتها. ولأنه لو امتنع، إنما يمتنع لأجل مخالفة الإجماع، وهم ما نصوا على فساده، ولا في صحة ما اعتلوا به وأولوه فساد غيره، إذ لا يمتنع أن يكون على حكم واحد أدلة، وله علل أخرى. [و] يجوز أن كون كلا التأويلين مراد الله تعالى: أراد من عباده أن يقيموا إما هذا وإما ذاك أو كلاهما. فإذا فهم أحدهما، سقط عنه التكليف به، وبقى التكليف الثاني على سبيل التطوع.
والمخالف احتج بأشياء.
١ - منها- قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}: الآية دلت على أنهم أمروا بكل معروف، لأنه دخل لام الجنس، ولو كان الثاني صحيحاً لأمروا به.
٢ - ومنها- قوله تعالى:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}، وهذا غير سبيلهم.
٣ - ومنها- قوله عليه السلام:" لا تجتمع أمتي على خطأ"، والأمة بأجمعهم ذهبت عن الدليل الثاني، فيجب أن لا يكون خطأ، وإنما يقتضي الخطأ إذا كان الدليل الثاني باطلاً.
٤ - ومنها- أن الدليل الثاني والتأويل الثاني، لو كان صحيحاً لما ذهب على الصحابة، مع تقدمهم في العلم.