الامتناع عن إظهاره، ومن عمر رضي الله عنه من إظهاره، مع اتفاقهم على تجويز الاجتهاد والحكم به.
وأما الثاني- قلنا: الداعي إلى إظهار الخلاف قائم وتعلق الغرض به وهم لا أمارة عليه، فلا يترك العمل بالداعي لأجله. على أنا نقول: إن الله تعالى جعل الإجماع حجة يعرف به الحق، فيجب أن يكون لنا طريق إلى العلم به. ولو اعتبرنا هذا الوهم لا نسد باب العلم إلى معرفة الإجماع، وذا لا يجوز.
وأما الثالث- قلنا: من صوب كل مجتهد، فإنه يصوبه على شرط أنه استوفى شرائط الاجتهاد وتم نظره في الإمارة. وإذا كان الحق عنده، بخلاف ما أظهر صاحبه، جوز أنه لم يتم نظره ولم يستوف شرائط الاجتهاد، فيظهر الخلاف رداً لقوله. على أنه إن صوب خصمه، فالداعي إلى إظهار قوله، لو كان حقاً، ثابت، لأن عنده أن ما اعتقده صواب أيضاً، فيظهر قوله، ليعلم أن في الحادثة حقاً، غير ما قاله خصمه، فدل ترك الإظهار على الموافقة.
والمخالف احتج بأن قال: ١ - إن الإجماع ل ينعقد إلا باتفاق الكل، والموجود من البعض السكوت، وهو محتمل: يحتمل الرضا ويحتمل السخط ويحتمل التوقف، فلا يدل على الموافقة بالشك. و ٢ - لأن من الجائز أن يكون ببعض أطراف العالم مخالف لأقوالهم لم يلغه أقاويلهم، ولم يصل إليهـ[ـم] خلافه، ومع تجويز هذا، لا ينعقد الإجماع.
والجواب:
وأما الأول- فقد ذكرنا أن السكوت في هذه الحالة دليل الرضا والموافقة، وإن كان في نفسه محتملاً، وهو كامتناع الكفار وسكوتهم عن معارضة القرآن