وإن أراد به الثاني- فقد ألزم ما لا يعقل، لأنه قياس شيء لا على شيء معقول.
وإن أراد به الثالث- قلنا: الفرق أن فائدة القياس في الفروع العمل. ويجوز أن يكون العمل عند الظن مصلحة إذ المصالح تختلف بأحوال الأفعال، على خلاف ما هو به. فأما فائدته في الأصول-[فـ] الإقرار والاعتقاد. وذا لا يحسن إلا على حسب العلم. وهذا لأن الإقرار والاعتقاد قبحه (؟ )، لكون المقر به والمعتقد على خلاف ما هو به. ولا يقع الأمن عن ذلك إلا بالعلم واليقين. فأما قبح الفعل وحسنه لجهات تختلف، فجاز أن يثبت حسنه عند الظن.
وأما الثاني- قلنا: بعض أهل الأصول سووا بينهما، فقالوا: كما جاز أن يتعبدنا الله بإثبات الحكم في الفرع عند ظننا شبه الفرع بالأصل، جاز أن يتعبدنا بالإخبار عن كون زيد في الدار إذا ظننا كونه فيها. ثم الفرق ما ذكرنا: أن حسن الخبر لكونه متناولاً للمخبر به على ما هو به، وذا لا يختلف بالظن، وحسن الفعل قد يحصل عن الظن.
وأما الثالث- قلنا: لا نقول إن المصلحة ما ظنناه، فلزمنا ذلك، بل نقول: المصلحة هو العمل على ظننا، وهو ثابت، بدلالة التعبد بالقياس.
فإن قيل: الإلزام قائم، لأن كون العمل، على ما ظنناه مصلحة، مبني على الظن، والظن قد يخطئ، والمصلحة أيضاً جاز الخطأ فيها- قلنا: التعبد على