للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل له: العقل لو انفرد يقتضي إباحة الجلوس تحت الحائط، فيجب أن لا ينتقل إلى التحريم بالأمارة، ومع ذلك انتقلنا.

فإن قيل: العقل لا يقتضي إباحة الجلوس تحت الحائط مطلقاً، بل مشروطاً بشرط أن لا يحصل فيه أمارة المضرة، فإذا حصلت المضرة لا يقتضي ذلك - قلنا: كذلك نقول في النبيذ: إن العقل يقتضي إباحة شربه، بشرط أن لا يحصل فيه أمارة المضرة، فإذا حصلت، لا يقتضي ذلك.

وأما الأدلة السمعية:

(أ) - فمنها- إجماع الصحابة. فإنها قالت بالاجتهاد في مسائل اختلفت فيها، ولم يوجد من بعضهم نكير. وما قالت الصحابة من غير نكير، كان حقاً. فمن ذلك:

١ - قول الزوج لامرأته"أنت على حرام": قال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: هذا يمين. وقال زيد بن ثابت رضي الله عنه: هو طلاق ثلاث. وقال ابن مسعود: هو طلقة واحدة. وقال ابن عباس: هو ظهار. وقال غيرهم: إنه إيلاء- هذا اختلاف مشهور. وإنما قالوا فيها، قياساً، لأنه لا يخلو: إما إن قالوا فيها عن طريق أو لا عن طريق: لا وجه إلى الثاني، لأن ذلك اتفاق منهم على الخطأ، لأنه من أعظم الخطأ أن يقال في دين الله من غير طريق، فتعين الأول. والطريق إما: النص الجلي أو الاستدلال بالنص أو القياس- لا وجه إلى الأول والثاني، لأنه لو كان كذلك لاحتج البعض به، وأظهره، ليقيم عذر نفسه وليرد غيره عن الخطأ- هذا هو العادة فيمن قال قولاً خالفه في ذلك من يريد مباحثته بطل الحق فيه. ولأنهم كانوا يكرهون مخالفة النصوص ومخالفة الاستدلال بها، ويعظمون موقعها، وذلك يدعوهم إلى الإظهار والاحتجاج.

<<  <   >  >>