للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقال: إن فيه عبرة- أي ما يقتضي حمل غيره عليه، وإجراء حكمه عليه، نحو أن يعاجل من ظلم بالهلاك، فيقال: "إن فيه عبرة". ولا يقال إن معنى قوله: "فيه عبرة" أي اتعاظ وانزجار، لأنا نقول: لا كذلك، فإنه يقال: اعتبر لتتعظ وتنزجر، فيجعل الاتعاظ والانزجار غاية للاعتبار، فكان غيره.

فإن قيل: "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ" فصار المعنى منصوصاً عليه وهو مخالفة الله ورسوله، ولا كلام فيه، إنما الكلام فيما ظنه المجتهد وظفر برأيه- قلنا: النص مطلق لا تقييد ظهور المعنى وخفائه. بل الاعتبار بحالة الخفاء أليق، فتصرف إلى كل اعتبار. وإن وجود النص في حادثة، ظهر فيه المعنى، لإطلاق اللفظ.

هذا وجه التعليق بهذه الآية. إلا أن لقائل أن يقول: قوله"فاعتبروا" ليس فيه ما يقتضي جميع وجوه الاعتبار. ونحن نعتبر الفروع بالأصول المنصوص عليها. فكما لا يثبت الحكم في الأصول إلا بالنص أو بالبقاء على حكم العقل، فكذلك لا يثبت الحكم في الفروع إلا بالنص أو بالبقاء على حكم العقل.

وأما المخالف فقد احتج بأشياء:

١ - أحدها- أن الله تعالى دل بوضع الشريعة على منعنا من القياس، حيث فرق بين المتفقين، وجمع بين المختلفين في الحكم فإنه أباح النظر إلى شعر الأمة الحسناء وحرم النظر إلى شعر الحرة الشوهاء. وأوجب الغسل في المنى دول البول والمذى. وأوجب على الطاهرة من الحيض قضاء الصيام دون الصلوات.

<<  <   >  >>