للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو لأنه شاركه في المعنى، وهو كونه إفساداً للصوم ومنافياً تعظيم الوالدين؟ إن قال بالأول- فقد أبعد، لأن اللفظ غير موضوع له لغة ولا عرفاً.

(ب) - وإن قال بالثاني- فهو عين القياس.

قلما: نحن نثبت حرمة الضرب والكفارة بالأكل والشرب بالنص، لا بالمقايسة، لكن لا بصريح النص، ليحتاج فيه إلى كونه موضوعا له لغة أو عرفاً؟ بيانه- هو بيان طريق الاستدلال: أن الكفارة في حديث الأعرابي ما تعلقت بعين الوقاع لما مر، وإنما تعقلت بالإهلاك بإفساد الصوم، فصار كأن النبي عليه السلام قال: عليك الكفارة بإفساد الصوم. هذا هو المفهوم من النص عند وجود هذه القرائن، وإن لم يكن اللفظ موضوعاً له. وهذا إفساد الصوم، فيكون متناولاً بالحديث. وكذا قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} لم يتناول عين التأفيف، بل أذى الوالدين وترك إعظامهما، فصادر كأن الله تعالى قال: " ولا تؤذوهما ولا تفعلوا فعلاً ينافي إعظامهما"، ولو قال ذلك، كان الضرب متناولاً بالنص، إلا أن هذا النوع من التناول يعرف بنظر دقيق ويبتني على مقدمات خفية، فسميناه " استدلالاً"، وجعلنا الثابت به ثابتاً بدلالة النص، لا بالقياس. ولهذا لم يجز دفع حرمة الضرب مع بقاء حرمة التأفيف. وفي القياس يجوز أن يرتفع حكم الفرع ويبقى الأصل، كحرمة البيع في الأرز مع الحرمة في البر.

وأما المخالف- احتج بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} وغيره من الدلائل الموجبة للقياس، على سبيل الإطلاق.

والجواب أن هذه الدلائل تقتضي التعبد بالقياس، فيما تعرف علة القياس فيه، وأمكن تعديته فيه بالمشاركة في العلة، وهنا لا يمكن- والله أعلم.

<<  <   >  >>