وليس فيهم من علل بكل واحد منها. ومتى تنافت العلة، واشتبه القول في فروعها، وجب الترجيح- فنبين:
أولاً- ما الترجيح؟ ، وما الفائدة فيه؟ ثم نبين وجوه الترجيح.
[ثانياً- الترجيح في العلل]
(أ) - أما معني الترجيح- في اللغة: إظهار الزيادة لأحد المثلين على الآخر، بإثبات وصف فيه. من ذلك: أرجحت الوزن، إذا زدت جانب الموزون حتي مالت كفته على كفة السنجات، وضده التطفيف.
فكذا ترجيح العلة على العلة: هو تقوية إحدى العلتين على الأخرى.
ولهذا لا يصح الترجيح بين الشيئين، إلا بعد تكامل كونهما علتين لو انفرد كل واحد منهما، لأنه لا يصح ترجيح علة [على] ما ليس بعلة.
(ب) - وأما الفائدة في الترجيح- هو أن يقوى الظن الصادر عن إحدى الأمارتين عند تعارضهما. ولذلك لا يصح الترجيح من الأدلة، لأن الأدلة لا تتعارض، ولأن الأدلة لا تقتضي الظن، وإنما تقتضي العلم والتزايد في العلم.