من وجه آخر، ويتساوى الوجهان عند المجتهد. وكذا المشاركة في الوصف المقتضي للحكم: جاز أن يكون في الفرع وجه يشارك أصلاً يثبت الحكم فيه، بناء على وصف، ووجه آخر يشارك أصلاً ينفى الحكم بناء على وصف آخر. وعند ذلك تتعادل الأمارتان، ولا يمكن الترجيح ينهما.
ونظيره أن يخبر اثنان بإثبات الشيء ونفيه، ويستوي عنده عدالتهما وصدق لهجتهما. وكذا قد تتعارض الأمارات الدالة على جهة القبلة عند الاشتباه بحيث يتعذر الترجيح.
فإن قيل، وهو شبهتهم: لو تعادلت الأمارتان، لم يكن الحكم بإحداهما أولى من الحكم بالأخرى. وفى ذلك إثبات حكميهما على الجمع، وهو محال [أ] وإبطال حكميهما، لوقوع الشك في كل واحد منهما، وذلك باطل- قلنا: هنا حكم آخر، وهو تخيير المجتهد في الحكم بأيهما شاء.
وبيان ذلك أن للأقسام هنا خمسة:
- إما العمل بالدليلين جميعاً. أو ٢ - إسقاطهما. أو ٣ - التوقف في الحكم. أو ٤ - تعيين أحدها للعمل به. أو ٥ - التخيير.
١ و ٢ - لا وجه إلى الجمع عملاً وإسقاطاً، لأنه متناقض.
٣ - ولا وجه إلى التوقف، لأن في التوقف إلى غاية تعطيل حكم الحادثة، وحاجة المكلف.
٤ - ولا وجه إلى تعيين أحدهما، لأنه تحكم من غير دليل.