للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من النصارى وغيرهم، ويفعل فعلهم، إذ لا طريق لمعرفته إلا ذلك. وقد نقلت أفعاله قبل البعثة وعرفت أحواله ولم ينقل أنه كان يفعل ما كان يفعله النصارى، ولا كان يخالطهم، ولا يخالط غيرهم ويسألهم عن شرعهم.

واحتج المخالف- بأنه كان قبل البعثة يحج ويعتمر ويطوف بالبيت ويذكي ويأكل اللحم ويركب البهائم ويحمل عليها- وكل ذلك لا يحسن إلا شرعاً.

والجواب- أنه [لم يثبت أنه] حج واعتمر قبل البعثة، وتولى التذكية بنفسه ولا أمر بها. وأما أكل اللحم المذكي فحسن في العقل، إذ هو نوع نفع ليس فيه ضرر، على ما مر تقريره في باب الحظر. وأما ركوب البهائم والحمل عليها فحسن أيضاً في العقل، لأنه ضرر يؤدى إلى نفع أعظم منه، وهو القيام بمصالحها وإيصال النفع إليها. وأما الطواف بالبيت: فيحتمل أنه فعل ذلك ليتشاغل به، كما يتشاغل الإنسان بالمشي ويستروح إليه إذا كان مفكراً. وأما تعظيمه البيت: فيحتمل أنه كان [يعظمه]، لأن إبراهيم عليه السلام عظمه، والعقل يقتضى حسن تعظيم أماكن الأنبياء وتمييزها وتعظيم ما عظموه ما لم يعرف نسخه.

<<  <   >  >>